قوله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}
  قوله تعالى: {سَيَقُولُ السُّفَهاءُ مِنَ النَّاسِ ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كانُوا عَلَيْها}[البقرة: ١٤٢]
  أراد بالسفهاء: اليهود، لما تحول رسول الله ÷ عن استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة.
  وقيل: كفار مكة، لما استقبل الكعبة قالوا: قد رجع عن قبلته، وسيرجع إلى ديننا
  وقيل: المنافقين؛ لحرصهم إلى الطعن الاستهزاء {ما وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ} أي: ما ولى محمدا وأصحابه عن قبلة محمد وأصحابه، قال أبو مسلم: ويحتمل أن يريد قبلة السفهاء(١).
  دلت الآية، وسبب نزولها على وجوب استقبال الكعبة، وهو إجماع، وعلى أنه لا يجوز الطعن في أمر الدين، وهو إجماع.
  قوله تعالى: {وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ}[البقرة: ١٤٣]
  أراد بالوسط الخيار، وفي الآية دلالة على أن الإجماع حجة؛ لأن الله تعالى عدّلهم، وقرن شهادتهم بشهادة الرسول.
  وقيل: ليشهدوا يوم القيامة على من خالف الحق، كقوله تعالى: {وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهادُ}[غافر: ٥١] قال ابن زيد: والأشهاد أربعة: الملائكة، والأنبياء، وأمة محمد ÷، والجوارح.
(١) فإن قلت: أيّ فائدة في الإخبار قبل وقوعه؟ قلت: فائدته أن مفاجأة المكروه، والعلم به قبل وقوعه أبعد من الاضطراب إذا وقع، لما يتقدمه من توطين النفس، وأن الجواب العتيد قبل الحاجة إليه أرد للخصم، وأقطع لشغبه، وقبل الرمي يراش السهم. (كشاف).