قوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها وادعوه خوفا وطمعا إن رحمت الله قريب من المحسنين}
  قوله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ}[الأعراف: ٥٥ - ٥٦]
  ثمرة الآية: أنه تعالى أمر بدعائه، وأن يكون الداعي متضرعا، أي: متذللا، ويكون خفية؛ لأنه أبعد من الرياء.
  قال في الكشاف: وعن الحسن | إن الله يعلم القلب التقي، والدعاء الخفي، إن كان الرجل لقد جمع القرآن وما يشعر به جاره، وإن كان لقد فقه الفقه الكثير ولا يشعر الناس به، وإن كان الرجل ليصلي الصلاة الطويلة وعنده الزّور وما يشعرون به، يعني: الزوار، ولقد أدركنا قوما ما كان على وجه الأرض من عمل يقدرون على أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا، ولقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء، وما يسمع لهم صوت، إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم، وذلك أن الله يقول: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً} وقد أثنى على زكريا فقال: {إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا} وبين دعوة السر ودعوة العلانية سبعون ضعفا.
  وقد ذكر الغزالي آدابا للدعاء، وهي: ترصّد الأزمان الشريفة، والأحوال الشريفة، كحال السجود، والتقاء الجيوش، ونزول الغيث، وإقامة الصلاة وبعدها، واستقبال القبلة، ورفع اليدين، ومسح الوجه بهما في آخره، وخفض الصوت بين المخافتة والجهر، وأن لا يتكلف السجع، وقد فسر به الاعتداء في الدعاء، والتذلل والخشوع، وأن يجزم بالطلب، ويوقن بالإجابة، وأن يلح في الدعاء، ويكرره ثلاثا، ولا يستبطئ الإجابة، وأن يفتتح الدعاء بذكر الله.