تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء}

صفحة 150 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ}⁣[البقرة: ٢٨٤]

  قيل: هذا خطاب خاص في الشهادة، عن ابن عباس وجماعة.

  وقال مقاتل، والواقدي: هي في موالاة الكفار، يعني: وإن تخفوا الموالاة أو تبدوها.

  وقيل: إنها عامة في كل شيء من الأحكام التي يجب إظهارها إذا أخفاها، والتي يجب كتمها إذا أظهرها، وأما الوساوس وحديث النفس، فقيل: إنه داخل، ولكنه منسوخ بقوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}⁣[البقرة: ٢٨٦] وضعف بأنه غير مقدور له، وتكليف ما ليس في الوسع لا يجوز⁣(⁣١).

  وقيل: إن قوما توهموا أنهم يؤاخذون بالخواطر التي لا تدخل تحت فدرتهم، فأنزل الله تعالى الآية الثانية، وهي قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها} بيانا لهذا.

  وعن عبد الله بن عمر: أنه تلاها فقال: «لئن أخذنا الله بهذا لنهلكن» ثم بكى حتى سمع نشيجه، فذكر لابن عباس فقال: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لقد وجد المسلمون منها مثل ما وجد، فنزل قوله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها}.

  وقال الأصم والقاضي: ما يظهرون من المعاصي، وما يخفون منها {فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ} أراد: يغفر للتائب، ويعذب المصر.


(١) يعني: فليس بمكلف به، فلا نسخ فيه حينئذ. (ح / ص).