تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم}

صفحة 442 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {كَما هَداكُمْ} قيل: (ما) مصدرية، أي: اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة لدينه ومناسك حجه.

  وقيل: هي كافة، أي: كما علمكم كيف تذكرونه.

  وقوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ} أي: من قبل الهدى، وقيل: من قبل محمد ÷، وإن لم يتقدم ذكره.

  قال في الثعلبي: والمعنى: وما كنتم من قبله إلا من الضالين، كقوله تعالى: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكاذِبِينَ}⁣[الشعراء: ١٨٦] يعني: ما نظنك إلا من الكاذبين. قال الشاعر:

  ثكلتك أمك إن قتلت لمسلما ... وجبت عليك عقوبة الرحمن⁣(⁣١)

  أي: ما قتلت إلا مسلما. وفي الكشاف، والتهذيب: (إن) هنا هي المخففة من الثقيلة⁣(⁣٢). وعن الكسائي، والكوفيين أنها نافية.

  قوله تعالى: {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}⁣[البقرة: ١٩٩].

  هذا أمر بالإفاضة، وقد اختلف: هل أراد تعالى بها الإفاضة من عرفات، أو من المزدلفة؟ فقال كثير من المفسرين: أراد الإفاضة من عرفات، وأن ذلك إشارة إلى ما كان عليه الحمس، وهم قريش وحلفاؤها من الترفع على الناس، والتعالي عليهم أن لا يساووهم في الموقف، ويقولون: نحن أهل الله، وقطان حرمه لا نخرج منه، فيقفون بجمع، وسائر الناس بعرفات، ويقول بعضهم لبعض: لا تعظموا إلا الحرم؛ لأنه


(١) ويروى (حلت عليك عقوبة المتعمد).

(٢) بدليل دخول اللام عليها.