وقوله تعالى: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}
  ذكروا أهل الكهف فقال العاقب وكان يعقوبيا: كانوا ثلاثة رابعهم كلبهم، وقال السيد(١): كانوا أربعة خامسهم كلبهم(٢).
  وقيل: ذلك في قوم من اليهود.
  فإن قيل: فقد حكم بشهادتهم من بعضهم على البعض الآخر، وهذا رجوع إلى قولهم؟
  قلنا: أما من منع الحكم وهو: الشافعي، ومالك: فلا سؤال عليه.
  وأما على قولنا: فلعل هذا مخصص بالخبر، وهو قوله #: «لا تقبل شهادة أهل ملة على ملة إلا ملة الإسلام فإنها مقبولة على كل ملة» فمفهومه أن المنع في غير ملة الإسلام على ما يخالفها فقط، وقد يرجع إلى قولهم في العادات لأجل القرائن، كما لو كان البائع ذميا، وأراد بيع شيء في يده وقال: إنه وكيل، وكذلك على قول من يجوز نكاح الذمية يرجع إليها في الحيض والطهر.
  أما خبر كافر التأويل ففي قبول خبره الخلاف السابق.
  وقوله تعالى: {وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ} في معنى ذلك وجوه:
  الأول: أن المراد النهي عن أن يقول في شيء: إني فاعله غدا، يعني في المستقبل.
  {إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ} أي إلا أن يأذن الله لك أن تقوله.
  الثاني: أن معناه لا تقولن: إنك فاعل فعلا في المستقبل، وتطلق القول لجواز ألا تفعله، فتكون كاذبا، بل تقول: أنا فاعله إن شاء الله.
(١) قال في الكشاف بعد ذكر السيد: وكان يعقوبيا. وذكر العاقب وقال: وكان نسطوريا عكس ما ذكر في الأصل وحاشيته تمت.
(٢) وقال المسلمون: سبعة وثامنهم كلبهم تمت كشاف.