وقوله تعالى: {فكفارته}
  تكون معقودة، والأول أولى؛ لأن كليهما متعلق بفعل غيره، وإن كان أحدهما للصانع جل وعزّ، والأخرى للعبد، وإن قلنا: إن شرط المعقودة أن يكون البر والحنث متعلق بفعله(١) لزم خروجهما معا، وإن قلنا: الغموس معقودة، لكن خرجت الكفارة بالتخصيص بالسنة، فهذه غير غموس، فتجب فيها الكفارة.
  وفي التذكرة: إذا حلف ليمطرن السحاب، أو ليفعلن زيد كذا لم تنعقد، بناء على أن اليمين على الغير لا تنعقد.
  وأما موجب اليمين فأمران: الأول: الإثم، والثاني: الكفارة.
  أما الإثم فذلك في الغموس، ولا إشكال في ذلك، فإن كفّر على قول الشافعي لم يزل عنه الإثم إلا بالتوبة؛ لأن لها مدخلا في التكفير كسائر الطاعات، وأما الكفارة فذلك في المعقودة والغموس على الخلاف، ولكن إنما تلزم بالحنث وهو الموجب لها.
  وقوله تعالى: {فَكَفَّارَتُهُ} أي: كفارة ما عقدتم الأيمان إذا حنثتم؛ لأن الحنث مقدر، فلو لم يحنث فلا شيء عليه إجماعا، لكن اختلفوا إذا كفر قبل الحنث، فعند عامة أهل البيت وأبي حنيفة: لا يصح ذلك؛ لأن الوجوب إنما يكون باليمين مع الحنث، وأن الحنث مقدر، ولأن قوله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمانَكُمْ} إنما أمرنا بالحفظ لكيلا تجب الكفارة، ولقوله ÷: «من حلف على شيء فرأى غيره خيرا منه فليأت الذي هو خير، ثم ليكفر عن يمينه» وهذا يوجب الكفارة بعد الحنث، وهذا قول أبي حنيفة، وأصحابه.
  وقال الشافعي: يجوز أن يكفر قبل الحنث، إذا كفر بغير الصوم، وكان الحنث مباحا.
(١) كقول الناصر ومن معه