قوله تعالى: {فأنساه الشيطان ذكر ربه}
  المعنى أن يوسف # قال للذي ظن أنه ناج منهما، يعني: من الفتيين اللذين حبسا معه، فهو صاحب شراب الملك، واسم الملك الريان ابن الوليد قال له يوسف: {أَنْ رَأى بُرْهانَ} أي: عند سيدك، أي: صفني بصفتي، وقص عليه قصتي لعله يرحمني من هذه الورطة، والظن بمعنى العلم عند أكثر المفسرين، واختاره أبو علي.
  وعن قتادة، أراد الظن الذي هو خلاف اليقين؛ لأن عبارة الرؤيا ظن، وصحح الحاكم الأول.
  وقيل: الظن راجع إلى الناجي من السجن، وهو الساقي.
  قوله تعالى: {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ}[يوسف: ٤٢]
  قيل: المعنى أن الساقي نسي ما استوصاه يوسف، وهو أن يذكره عند ملك مصر وهو ربه، والمعنى ذكره لربه، ولهذا قال تعالى: {وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ}.
  وقيل: المعنى {فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ} أي: أنسى يوسف ذكر الله تعالى حتى فزع إلى المخلوق، فاستعان به وهذا مروي عن ابن عباس، والأصم والحسن، والأول مروي عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم، وأبي إسحاق.
  وروي عن النبي ÷ أنه قال: «رحم الله يوسف لو لا كلمته ما لبث في السجن طول ما لبث».
  وعنه ÷: «عجبت من أخي يوسف كيف استعان بمخلوق».
  وروي أن جبريل أتاه وقال: يا يوسف يقول لك ربك: ما استحيت أن استعنت بالآدميين لألبثنك في السجن بضع سنين، فقال يوسف: وهو في ذلك عني راض؟ قال: نعم. قال: لا أبالي.