وقوله تعالى: {إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا}
  الباقين بالضم على ما لم يسم فاعله، قيل: الخطاب لأهل الكتاب، وأراد به التوراة والإنجيل أنهم نهوا فيها عن القعود مع من يستهزئ بآيات الله، وقيل: المنافقين نهيا لهم عن مجالسة المستهزيئين من الكفار، وقيل: للمؤمنين، والكتاب القرآن، والذي نزل فيه ما في سورة الأنعام من قوله تعالى: {وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ}[الأنعام: ٦٨] لأن المشركين بمكة كانوا يستهزؤن بالقرآن فنهى المسلمون عن القعود معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، وهذه الآية كانت في المدينة لأن أحبار اليهود كانوا يستهزئون بالقرآن فنهوا عن القعود معهم(١).
  قال جار الله: ولم يكن المجالسون للمستهزئين بمكة مثلهم، وكان المجالسون في المدينة للمستهزئين مثلهم لقوله تعالى: {إِنَّكُمْ إِذاً مِثْلُهُمْ} لأنهم في مكة كانوا يعجزون عن الإنكار، والذين في المدينة لم ينكروا مع القدرة، فكان ترك الإنكار كرضاهم يقال: إذا كان من بمكة لا يطيق الإنكار فلم نهى؟ ولعله يقال: لأن ذلك يوهم الرضاء، فيكون معصية غير كفر، والله أعلم.
  ومن قال بوجوب الإنتقال وإن لم يقدر فذلك حجة له.
وقوله تعالى: {إِنَّ اللهَ جامِعُ الْمُنافِقِينَ وَالْكافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعاً}.
  قال جار الله: يعني القاعدين والمقعود معهم.
(١) كلام المصنف | هنا يدل على أنه لا يصح ما ذكره من النسخ في قوله:
فنسخ بقوله في سورة الأنعام: إن نزولها مترتب على نزول {وَإِذا رَأَيْتَ} الآية.