قوله تعالى: {أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة}
  قال الحاكم: فيجوز إظهار السرور بموت الظلمة، وما يصيبهم من البلاء، وقد قيل: إنه نزل قوله تعالى: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ} في خزاعة.
  وعن قتادة: لما غدر بنو بكر من كنانة حلفاء لقريش بخزاعة، وهم حلفاء النبي صلى الله عليه وآله وأعانتهم قريش، فلما كان يوم الفتح قال النبي صلى الله عليه وآله: «كفوا السلاح إلا خزاعة من بني بكر فقاتلوهم حتى العصر ثم قال: كفوا السلاح».
  وعن ابن عباس: هم قوم من أهل اليمن وسبأ قدموا مكة فأسلموا، فلقوا من أهلها أذى شديدا، فبعثوا إلى رسول الله يشكون إليه فقال: «ابشروا فإن الفرج قريب، ويذهب غيظ قلوبكم بما لقيتم منهم».
  وفي هذا تنبيه، وهو أن يقال: قد ذكر أن الذي يقيم الحد لا يقصد التشفي، وأن عليا # كف عن رجل من الكفار لما أذاه خشية أن يتشفى بقتله(١).
قوله تعالى: {أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُوا مِنْ دُونِ اللهِ وَلا رَسُولِهِ وَلَا الْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً}
  المعنى: أم ظننتم أن يترككم الله هملا فلا يأمركم بالجهاد، وقيل: تدعون أنكم مؤمنون باللسان ولا يمتحنكم بوجوب الجهاد، والمعنى ولم يعلم، والمراد بنفي العلم نفي المعلوم، كقول القائل: ما علم الله مني ما قيل.
(١) لعله يقال: كف عن قتله لأن القتل للتشفي يبطل الثواب وإن كان جائزا وعلي # تجنب أن لا يقتل إلا امتثالا لأمر الله وابتغاء لثوابه لا لغرض دنيوي. والله أعلم.