قوله تعالى: {يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت وقد أمروا أن يكفروا به ويريد الشيطان أن يضلهم ضلالا بعيدا}
  يقال: وفي الآية دلالة على جواز الاختلاف، ووجوب الانصاف(١) وقبول الحجة؛ لأنه تعالى أمرهم عند التنازع إلى الرجوع إلى الدليل، ولم يحكم بالخطأ عند تنازعهم.
  قوله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالاً بَعِيداً}[النساء: ٦٠]
  النزول
  قال جار الله: روي أن بشرا المنافق خاصم يهوديا، فدعاه اليهودي إلى النبي ÷، ودعاه المنافق إلى كعب بن الأشرف، فتحاكما إلى رسول الله - ÷ وقضى لليهودي فلم يرض المنافق، وقال: تعال نتحاكم إلى عمر بن الخطاب، فأخبر اليهودي عمر، فقال للمنافق: أهكذا؟ فقال: نعم، فقال عمر مكانكما حتى أخرج، فدخل عمر فاشتمل على سيفه ثم خرج فضرب عنق المنافق حتى برد، يعني حتى مات، ثم قال عمر: هكذا أقضي لمن لم يرض بقضاء الله ورسوله، فنزلت.
  وقال جبريل: إن عمر قد فرق بين الحق والباطل، فقال رسول الله ÷: «أنت الفاروق».
  وقيل: تخاصم رجلان فقال أحدهما: انطلق إلى رسول الله، فقال الآخر: بل ننطلق إلى دين بني فلان.
  وقوله تعالى: {إِلَى الطَّاغُوتِ} قيل: هو كاهن يحاكم إليه اليهودي والمنافق، وقيل: كعب بن الأشرف، وسماه الله بذلك لإفراطه في
(١) لا دلالة على جوازه في الآية، فليتأمل.