تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وبشر المخبتين الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم والصابرين على ما أصابهم والمقيمي الصلاة ومما رزقناهم ينفقون}

صفحة 297 - الجزء 4

  الحكم الثالث: يتعلق بقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّها إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} أي محل نحرها البيت العتيق، وهذا يدل أن للذبح مكانا يختص به.

  واختلف العلماء في ذلك المكان:

  فقال أهل المذهب: محل دماء الحج الاختياري منى؛ لأنه موضع التحلل، ولقوله #: «منى كلها منحر».

  وقال زيد بن علي، والناصر: الحرم كله منحر، وقد ذكره في الكشاف، أي: أن المراد الحرم؛ لأنه حرم البيت، فهو في حكم البيت، ومن هذا الاتساع قولهم: بلغنا البلد إذا شارفوا البلد، وقاربوه، ويجوز ذبحه عندنا في سائر الحرم، إن خشي عطبه.

  الحكم الرابع: يتعلق بقوله تعالى: {لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ عَلى ما رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعامِ} أي ليذكروا اسمه على النسائك، وهذا دليل على وجوب التسمية على الذبيحة، وذلك مذهب القاسم، ويحيى، والناصر، وأبي حنيفة، وأصحابه، والثوري، وابن حي، ورواية عن مالك إلا أن يكون ناسيا، فيخرج بقوله #: «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان».

  وعن الشعبي وداود، وأبي ثور: لا يجوز مع ترك التسمية، ولو ناسيا.

  وقال الشافعي، ورواية عن مالك إنها مستحبة، غير شرط، وهذا الحكم ذكره أخص عند قوله تعالى: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}.

  قوله تعالى: {وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلاةِ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ}⁣[الحج: ٣٤ - ٣٥]