وقوله تعالى: {ما كسبتم}
  التقرب، ولا يمن، ولا يؤذي، لأن ذلك يحفظها عن الإفساد، ثم بين هنا صفة الصدقة بأن لا تكون من الخبيث. ثم بين تعالى حال المتصدق عليه.
  وقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هذا نداء للمتصدقين.
  وعن الحسن، وعلقمة: كل ما في القرآن {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} نزل بالمدينة، وكل ما فيه: {يا أَيُّهَا النَّاسُ} نزل بمكة.
  وقوله تعالى: {أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ} قيل: أراد بالطيب الحلال، وهذا مروي عن ابن مسعود ومجاهد، ونظيره: {يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ}[المؤمنون: ٥١]، {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ}[البقرة: ١٧٢].
  وفي الحديث عنه ÷: (إن الله طيب لا يقبل إلا الطيب، لا يكسب عبد ما لا من حرام فيتصدق به فيقبل منه، ولا ينفق منه فيبارك له فيه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار، وإن الله لا يمحو السيء بالسيء، ولكنه يمحو السيء بالحسن، وإن الخبيث لا يمحو الخبيث) هذا الخبر رواه الثعلبي(١).
  وقيل: أراد بالطيب: الخيّر، وعليه يدل سبب النزول، ولا مانع من الجمع بينهما أن يكون المنفق حلالا غير رديء.
  وقوله تعالى: {ما كَسَبْتُمْ} أراد بالتجارات والصنائع.
  خبر رواه في الثعلبي عنه ÷ أنه قال: (الخير عشرة أشياء، أفضلها التجارة، إذا أخذ الحق وأعطاه) وقال ÷: (تسعة أعشار الرزق في التجارة).
  وعنه ÷: (البركة في التجارة، وصاحبها لا يفتقر إلا حلاف مهين).
(١) وفي بعض النسخ (رواه الثعلبي والبغوي).