وقوله تعالى: {غير أولي الضرر}
  الحكم الرابع
  الترخيص لأهل الأعذار من الأمراض والزمنى، وكذلك الأعمى، والمقعد، ونحو ذلك.
  وقوله تعالى: {لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ} روي عن ابن عباس أنه قال: أريد القاعدون عن بدر والخارجون إليها. وعن مقاتل: إلى تبوك(١).
  قال جار الله: فإن قلت: معلوم أن القاعد بغير عذر، والمجاهد لا يستويان، فما فائدة الاستواء؟
  أجاب: بأن فائدة ذلك بيان التفاوت العظيم؛ ليرغب القاعد، وليهتز للجهاد، ونظيره: {يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما}.
  وقوله تعالى: {غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} قرأ نافع، وابن عامر، والكسائي بنصب غير على الاستثناء من القاعدين، أو على الحال، وقرأه الأكثر برفع {غَيْرُ} صفة {الْقاعِدُونَ}، هاتان قراءاتان ظاهرتان للسبع(٢).
  قال جار الله: وقرئ بالجر لغير صفة للمؤمنين، وأراد بالقاعدين الذين اختاروا القعود للدعة، ولا عذر لهم.
  قال جار الله: لكن قعدوا بإذن الرسول #؛ لأن الجهاد فرض كفاية، قال: والتفضيل بدرجة على القاعدين للضرر، والتفضيل بالدرجات على القاعدين لغير ضرر بإذنه ÷، وقد صارت الآية صريحة بتفضيل المجاهد على القاعد من غير عذر.
  فأما القاعد للعذر من أولي الضرر، فهل يساوي المجاهد؟ أو
(١) الكشاف (١/ ٥٥٥).
(٢) الكشاف (١/ ٥٥٦).