تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}

صفحة 461 - الجزء 2

  منهم قيس بن الفاكهة بن المغيرة، وأضمروا الشرك ثم خرجوا إلى بدر لقتال المسلمين، فلما رأوا قلة المسلمين قالوا: غرّ هؤلاء دينهم، فقتلوا يوم بدر.

  قيل: فضربت الملائكة وجوههم وأدبارهم، فقال بعض المسلمين: كان هؤلاء أصحابنا أسلموا، وأكرهوا على الخروج.

  وقيل: نزلت في أناس من مكة تخلفوا عن الهجرة، ثم استثنى الله تعالى من لحقه الضعف عن الهجرة⁣(⁣١).

  وعن ابن عباس: كنت أنا وأبي وأمي من الذين {لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً}، وكنت غلاما صغيرا⁣(⁣٢).

  وقوله تعالى: {تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ} أي: حال ظلم أنفسهم لم يتعقب الظلم توبة، فيقبضوا حال التوبة، والمعنى بالتوفي قبض أرواحهم عند الموت، عن أبي علي وغيره.

  وقيل⁣(⁣٣): أراد ملك الموت، وقيل: هو وغيره.

  قالُوا: فِيمَ كُنْتُمْ؟ أي: قال الملائكة لهم سؤال توبيخ وتقريع، أي: لم تكونوا على شيء من أمر دينكم؛ لذلك تركتم الهجرة فأجابوا بقولهم: {كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ} أي: في حكم أهل الشرك فلم نقدر على الهجرة، فأكذبهم الله، وأجابتهم الملائكة بقوله تعالى: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً فَتُهاجِرُوا فِيها}.

  ثمرة الآية: وجوب الهجرة من دار الكفر، ولا خلاف أنها كانت واجبة قبل الفتح، ولذلك قال تعالى في سورة الأنفال: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ


(١) زاد المسير (٢/ ١٧٧)، الطبري (٤/ ٣٣٦)

(٢) الطبري (٤/ ٢٣٧)، خبر رقم ١٠٢٧٢.

(٣) في (أ): قيل.