تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {والفتنة أشد من القتل}

صفحة 381 - الجزء 1

  ومذهب الأئمة $، وأبي حنيفة: لا يمنعون، وسيأتي زيادة عند ذكر قوله تعالى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ}⁣[التوبة: ٢٨] في سورة براءة،

  وأطلق في الانتصار: أنهم يمنعون من جزيرة العرب.

  وقوله تعالى: {وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ} قيل: أراد بالفتنة إخراجهم من مكة؛ لأن في ذلك تعذيبا لهم، وقيل لبعض الحكماء: ما أشد من الموت؟ فقال: ما يتمنى فيه الموت، فجعل تعالى الإخراج من الوطن من الفتن الذي يتمنى عندها الموت، ومنه قول الشاعر⁣(⁣١):

  لقتل بحد السيف أهون موقعا ... على النفس من قتل بحد فراق

  أي: قطع الأوصال أهون من قطيعة الوصال، وضرب الرقاب أيسر من مفارقة الأحباب، وفي هذا دليل على أن ما أباحه القتل أباحه التوعد من القادر بالإخراج من البلد، وقد ذكر هذا أبو مضر، لكن تجب الهجرة في مواضع يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى.

  وقيل: الفتنة عذاب الآخرة، قال تعالى: {ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ}⁣[الذاريات: ١٤] وهذا مروي عن الكسائي.

  وقيل: الفتنة هي شركهم، وهذا مروي عن الحسن، وقتادة، أي: كفرهم أعظم من القتال في الشهر الحرام؛ لأنه روي في سبب نزولها: أن رجلا من الصحابة قتل رجلا من الكفار في الشهر الحرام، فعاب المشركون ذلك على المؤمنين. فنزلت.

  أي: كفركم⁣(⁣٢) أعظم من قتل مشرك في الشهر الحرام، وإن كان محظورا، وهذا مروي عن أبي علي. وقيل: الشرك أعظم من القتل في


(١) انظر مشاهد الإنصاف على الكشاف، ولم ينسبه لأحد.

(٢) في نسخة (كفرهم أعظم).