تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن إبراهيم لأواه حليم}

صفحة 483 - الجزء 3

قوله تعالى: {إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ}

  الأواه من التأوه والحزن، قال الشاعر⁣(⁣١):

  إذا ما قمت أرحلها بليل ... تأوه آهة الرجل الحزين

  وللمفسرين أقوال: قيل: هو الخاشع المتضرع.

  وقيل: التائب.

  وقيل: الفقيه.

  وقيل: كثير الذكر لله، وقيل: معلم الخير.

  وقد يستدل بها على أن من تأوه في الصلاة لم تبطل، وهذا محكي عن أبي يوسف، وأبي جعفر: أنه إذا قال آه لم تبطل صلاته؛ لأن الله تعالى مدح إبراهيم # بذلك.

  ومذهب الأكثر بطلانها سواء قال آه أو أوّه؛ لأن ذلك من كلام الناس، ولم يذكر الله أن تأوه إبراهيم # كان في الصلاة، فوصف الله إبراهيم بالحلم لأن الحليم من يصفح عن الذنب.

  ويروى أن أباه لما قال: لأهجرنك، قال: سلام عليك، وأراد بالسلام سلام توديع ومباركة كقوله تعالى: {لَنا أَعْمالُنا وَلَكُمْ أَعْمالُكُمْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لا نَبْتَغِي الْجاهِلِينَ}.

وقوله تعالى: {وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً}.

  وروي أن رجلا آذاه وشتمه فقال: هداك الله.


(١) المثقب العبدي.