قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا}
  وتضمنت النهي عن مفارقة رسول الله ÷ وهو يخطب، وهي منطوية على أحكام مجملة ومبينة، ونحن نتتبع ألفاظ الآية الكريمة.
  قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} هذا خطاب للمؤمنين بصريح الآية. قال في التهذيب: والفاسق داخل في هذا الخطاب بالإجماع، ولعله يقال: إنما جعل الخطاب للمؤمنين لأنهم الذين يقتدى بأفعالهم وطاعاتهم، وهذا يتناول الكفار؛ لأنهم مخاطبون بالشرائع عندنا والشافعي، وعند أبي حنيفة ليسوا مخاطبين بالشرائع بل بالإسلام، فإذا أسلموا تناولهم الخطاب، والفائدة في أحكام الآخرة وهي هل يعاقبون على الواجبات الشرعية أم لا؟
  وأما النساء فلا تجب وفاقا؛ لأنهنّ غير داخلات في لفظ الآية؛ لأنه تعالى قال: {فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ} والضمير ضمير المذكر، وقد جاء الحديث عنه ÷: «الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا على أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض».
  وفي حديث آخر عنه ÷: «الجمعة واجبة على كل حالم إلا أربعة: الصبي، والعبد، والمرأة، والمريض» والمسألة إجماعية أن المرأة لا جمعة عليها.
  قال في التهذيب: لا تجب على النساء والمرضى، وأما العبد فقيل: إنه يخرج من الوجوب لقوله تعالى: {فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ} وسعيه حق للسيد، والظاهر خروجه بالخبر المروي عنه ÷ وأحد الروايتين عن مالك، وأصحاب الظاهر أنها تجب على العبد، وكأن الخبر ما صح لهم.
  وأما دخول الأعمى إذا وجد له قائدا فمذهبنا أنه داخل في عموم الآية، والخبر، وهو قول الشافعي، وأبي يوسف، ومحمد.
  وقال أبو حنيفة: لا تجب عليه وإن وجد قائدا، ويخصه من العموم بما يلحق من المشقة، فشأنه ما تسقط به الجمعة من الأعذار كالمطر والمرض، واختاره في الانتصار.