تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {يحكم به ذوا عدل منكم}

صفحة 193 - الجزء 3

  قالوا: وغير المقتول لا جزاء له، فحصل أن الجزاء هو المثل، ويعود النزاع في المماثلة، فلا يكون في قراءة الإضافة دليل لأحد المذهبين.

  وكذا قوله تعالى: {أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ} قرئ (كفارة) بالتنوين و (طعام) بالرفع، وقرئ: (كفارة) بالإضافة، و (طعام) بالجر، وليس المقصود أن الكفارة للطعام، وإنما المراد أن الطعام هو الكفارة⁣(⁣١).

  وقوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} لا يقال: هذا يدل أنه يرجع في كل وقت إلى حكم العدلين، وهذا لا يتأتى إلا في القيمة؛ لأنا قلنا: المماثلة في الخلقة مما قد حكم به، فقد استمر في كل وقت؛ لأنه قد⁣(⁣٢) يختلف الشبه فيما لم يكن قد حكم به، وعند ذلك يرجع إلى حكم العدلين لاختلاف الشبه في كل وقت.

  وروي أن قبيصة أصاب ظبيا وهو محرم، فسأله عمر فشاور عبد الرحمن بن عوف، ثم أقره بذبح شاة، فقال قبيصة لصاحبه: والله ما علم أمير المؤمنين حتى سأل غيره، فأقبل عليه ضربا بالدرة، وقال له: أتغمص⁣(⁣٣) الفتيا، وتقتل الصيد وأنت محرم، قال الله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ} وهذا عبد الرحمن، وأنا عمر.

  وقوله تعالى: {هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ} قيل: أراد الحرم المحرم، فلا يجوز الذبح في غيره.

  وأما التصدق فمذهبنا، والشافعي: لا يجوز في غير الحرم، وقال أبو حنيفة: يجوز، وقد ادعى الحاكم الإجماع على أن الذبح في الحرم، وعلى أن الصوم يجوز في أي مكان، والخلاف في الصدقة كما ذكر.


(١) فهو من باب إضافة الشيء إلى نفسه.

(٢) في نسخة (لأنه إنما يختلف الشبه)

(٣) الغمص: التصغير.