تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة}

صفحة 389 - الجزء 1

  وقوله تعالى: {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} قيل: الباء زائدة، والمعنى: ولا تجعلوا التهلكة مالكة لكم، وقيل: المعنى: لا تلقوا بأنفسكم، وقيل: المعنى: ولا تلقوا أنفسكم بأيديكم⁣(⁣١)، كما يقال: أهلك فلان نفسه بيده.

  واختلفوا بعد ذلك، فقيل: المعنى النهي عن ترك الإنفاق في سبيل الله؛ لأن ذلك يسبب الهلاك، وعن الإسراف في الإنفاق الذي يضيع معه عياله.

  وعن ابن عباس، والحسن، وقتادة، وعكرمة، والأصم: أنها نزلت في البخل

  وقيل: إن ذلك نهي عن المخاطرة بالنفس في القتال.

  وقيل: المعنى: النهي عن ترك الغزو الذي يحصل به قوة العدو، فيتولد منه التهلكة

  قال في الكشاف: «وروي أن رجلا من المهاجرين حمل على صف العدو، فصاح به الناس: ألقى بيده إلى التهلكة، فقال أبو أيوب


(١) جعله في (لا تلقوا بأنفسكم) لازما، وفي الثاني: متعديا إلى الأول بنفسه، والى الثاني بحرف الجر. وفي نسخة (ولا تقتلوا أنفسكم بأيديكم) والصواب ما في أ، لأنه يريد الفرق بين الفعل لازما، ومتعديا.

وقال الحاكم في التهذيب: {الباء في قوله (بِأَيْدِيكُمْ} قيل: زائدة كقولهم: جذبت الثوب، وبالثوب، وتعلقت زيدا وبزيد، وقيل: ليست بزائدة ولكنها على أصل الكلام من وجهين احدهما أن كل فعل متعد إذا كني عنه أو قدر على المصدر دخلته الباء كقوله: ضربته ثم يكنى عنه فتقول: فعلت به، والآخر أن تقول: وقعت الضرب منه فجاء على الأفعال المتعدية. والوجه الثاني - أنه لما كان معناه لا تهلكوا أنفسكم بأيديكم دخلت الباء لتدل على هذا المعنى، وهو خلاف أهلك نفسه بيد غيره).