تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون}

صفحة 56 - الجزء 4

  وقد قال في (شرح الإبانة): أنه لا يضمن الساحر عندنا، وأبي حنيفة، ويضمن عند الشافعي.

  ولا يقال: فلم وجب الضمان والقود إذا قتل بالسم أو بالإحراق مع أن الإحراق ومضرة السم فعل الله، لأن المضرة بالسم والإحراق معلومة.

  قوله تعالى: {ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ}⁣[يوسف: ٧٠]

  هاهنا سؤال وهو أن يقال: احتباسه لأخيه بغير حق لا يستباح في الظاهر، مع ما في ذلك من حزنه وحزن أبيه، وحزن إخوته، وتسريقهم وليسوا بسارقين، وإدخال التهمة عليهم، والقول بأنهم سارقون ظاهره الكذب؟

  جواب ذلك: أن يقال: أما حبس أخيه فعن أبي علي: كان بموطأة بينهما، ورضاء منه، وحبسه بسبب لا يمكن أقل للحزن مع يعقوب من حبسه بغير سبب باطل.

  وقيل: يجوز مع الغم المذكور؛ لأن فيه دفع غموم كثيرة، وفعل الأقل لدفع الأكثر جائز، أو كان فعل ذلك بوحي، ولهذا قال تعالى: {كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ} يعني علمناه إياه وأوحينا إليه به.

  وأما إيراث التهمة عليهم - فبعد معرفة نبوتهم - تزول التهمة، وأما النطق بما ظاهره الكذب ففي ذلك وجوه:

  الأول: أن هذا من قول الأعوان لا من قول يوسف، وإنما قالوا ذلك تهمة منهم.

  وقيل: في ذلك تورية بأن المراد لسارقون يوسف من أبيه في سبب أخذكم له.