وقوله تعالى: {من بعدها}
  النزول
  قيل: نزلت في عياش بن أبي ربيعة أخ لأبي جهل من الرضاعة، وأبي جندل بن سهيل بن عمرو، والوليد بن الوليد بن المغيرة، وغيرهم: فتنهم المشركون فأعطوهم ما أعطوا، ثم إنهم هاجروا بعد ذلك وجاهدوا.
  وقيل: نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ارتد فلما كان يوم الفتح أمر النبي ÷ بقتله، فاستجار له عثمان فأجاره، ثم إنه أسلم وحسن إسلامه: عن الحسن، وعكرمة.
  المعنى: ثم إن الله يغفر، ويرحم هؤلاء الذين فتنوا ثم هاجروا من أوطانهم، وجاهدوا، وصبروا.
  وقراءة أكثر القراء (فتنوا) - بضم الفاء وكسر التاء - يعني عن دينهم، فمنعوا الإسلام.
  وقيل: فتنوا بالتعذيب.
  وقراءة ابن عاصم (فتنوا) - بفتح الفاء والتاء - ويرده إلى من أسلم، وقد كان يقدم منه أنه فتن غيره من المؤمنين، بأن رده عن الإسلام نحو الحضرمي في إكراهه لعبده على الكفر، ثم إنه أسلم.
وقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِها}.
  أي: من بعد الهجرة يغفر ما سلف منهم، أو يغفر ما جرى على ألسنتهم، بمعنى أنه لا يؤاخذهم عليه.
  وقيل: من بعد هذه الأفعال، وهي الهجرة، والجهاد، والصبر.
  قيل: هاجروا من أوطانهم إلى المسلمين، وجاهدوا الكفار: باليد واللسان.