تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم}

صفحة 256 - الجزء 1

  قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ}⁣[البقرة ١٥٨]

  النزول فيه قولان:

  الأول: أنه كان على الصفا صنم يسمى: أسافا، وعلى المروة صنم يسمى نائلة، ويروى أنهما كانا رجلا وامرأة زنيا في الكعبة فمسخا حجرين، فوضعا عليهما ليعتبر بهما، فلما طالت المدة عبدا من دون الله تعالى، فكان أهل الجاهلية إذا سعوا مسحوهما، فلما جاء الإسلام، وكسرت الأصنام، كره المسلمون الطواف بينهما لفعل الجاهلية، ولئلا يكون عليهم في ذلك جناح، فنزلت الآية برفع الجناح عنهم.

  وهذا مروي عن ابن عباس، والشعبي، وذكر أبو علي مثله؛ إلا أنه قال: كان على الصفا والمروة أصنام يعبدها الكفار. قال: والآية نزلت في عمرته ÷ بعد الحديبية بسنة، وعن مجاهد: كرهت الأنصار الطواف بينهما لفعل الجاهلية فنزلت الآية.

  القول الثاني: مروي عن عائشة أن الأنصار كانوا قبل الإسلام يهلون لمناة وهي صنم كانت بين مكة والمدينة، وكانوا لا يطوفون بين الصفا والمروة تعظيما لمناة، فسألوا النبي ÷ بعد الإسلام هل عليهم حرج في الطواف بهما، فنزلت الآية.

  الثمرة من الآية يتعلق بها أحكام.

  الأول: أن الطواف بين الصفا والمروة عبادة، وقربة إلى الله تعالى؛ لأن الله تعالى جعل ذلك من شعائره، والشعائر: جمع شعيرة، وقيل: شعائر الله: أعلام متعبداته.