وقوله تعالى: {فضرب الرقاب}
  خرج من هذا العموم الذمي، فإنه لا يقتل، والمؤمّن والمرسل إذا كان معه كتاب ملكهم؛ لأن المعروف من سيرة الرسول # أن الرسل لا تقتل، وخرج من هذا من جاء مسترشدا فإنه لا يقتل، ذكره الحاكم، وكذا الثابت.
  وقوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ} لم يرد العضو المخصوص الذي هو العنق، وله أن يضرب فيه أو في غيره، لكنه عبارة عن نفس القتل؛ لأنه يقال: ضرب الأمير رقبة فلان، وضرب عنقه إذا قتله، وذلك لأن قتل الإنسان أكثر ما يكون بضرب رقبته، فعبر بضرب الرقبة عن القتل، وإن ضرب في غيرها.
  الثمرة الثانية: أنه يفهم من قوله تعالى: {حَتَّى إِذا أَثْخَنْتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثاقَ} كما يفهم من قوله تعالى في سورة الأنفال: {ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ}[الأنفال: ٦٧] أن الأسر قبل الإثخان لا يجوز، ويجوز بعد الإثخان وهو الظهور على الكفار بالقتل الكثير، وإثقالهم بكثرة الجرحى؛ لأن في ترك قتلهم قبل الإثخان تركا لما تحصل به الهيبة للمسلمين.
  الثمرة الثالثة: أن المسلمين إذا ظهروا على الأسرى شدوا الوثاق، والوثاق -: بالفتح والكسر - اسم لما يوثق به من حبس أو قيد.
  قيل: المراد بهذا إذا خشى هربهم، قيل: هذا في حرب واحد أمر الله تعالى بقتلهم حتى يظهر الإثخان فيأسرهم وقيل: القتل في حرب والأسر في حرب آخر، وذكر ذلك لتعظيم الهيبة في قلوب الكفار.
  الثمرة الرابعة: في حكم الكافر بعد الأسر، وقد قال تعالى: {فَشُدُّوا الْوَثاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِداءً} ولم يذكر القتل بل خير بين المن والمفاداة، فقال الحسن: هذا هو الواجب أن يمن بلا شيء، أو يفدي بمال، أو يستعبد من يجوز استعباده دون القتل، فلا يجوز قتل الأسرى وهذا مروي عن ابن عمر، وعطاء، والضحاك.