تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {قال يا هارون ما منعك إذ رأيتهم ضلوا ألا تتبعن أفعصيت أمري قال يا بن أم لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي إني خشيت أن تقول فرقت بين بني إسرائيل ولم ترقب قولي}

صفحة 255 - الجزء 4

  استدل بهذا على حسن المبادرة إلى الطاعات، ويدخل في ذلك تعجيل الصلوات.

  قيل: وليس قوله تعالى: {وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ}⁣[طه: ٨٣] نهي له عن التقدم، وقيل: هذا عتاب له؛ لأنه تعالى وقت لهم وقتا فخالف بالتقدم، ظنا واجتهادا منه أن في ذلك رضاء له تعالى.

  قوله تعالى: {قالَ يا هارُونُ ما مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي قالَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي}⁣[طه: ٩٢ - ٩٤]

  المعنى: قيل أراد بالاتباع اللحوق به، وترك الإقامة بين ظهرانيهم، فيكون في ذلك دليل على وجوب الهجرة من الكفار.

  وقيل: الاتباع أريد به المجاهدة لهم، والملازمة لطريقة موسى #، إن قيل: هذا كان من هارون مخالفة وعصيانا لأمر موسى؟

  قلنا: في ذلك وجوه:

  الأول: أن موسى # أمره أن يلحق به إن رآه صلاحا، فرأى هارون الإقامة أصلح، وهذا يدل على أن للنبي أن يجتهد.

  الثاني: أن الخطاب وإن توجه إليه فالمقصود غيره.

  الثالث: أن ذلك كان ذنبا من هارون، وقوله تعالى: {يَا بْنَ أُمَ} قيل: كان أخاه لأمه، وقيل: بل لأبيه وأمه، لكن ذكر الأم استعطافا واسترقاقا.

  وقوله تعالى: {لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي}⁣[طه: ٩٤]