قوله تعالى: {يسئلونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج}
  المسألة الثالثة
  في الصلح على الإنكار، فإنه لا يجوز أخذ المال إذا كان مبطلا في دعواه عندنا، وهو قول الشافعي؛ لأنه أكل مال الغير بالباطل؛ ولأن مال الغير محرم، والصلح لا يحل الحرام، لقوله ÷ «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحا أحل حراما، أو حرم حلالا». وقال أبو حنيفة، ومالك: يحل المال للمصالح؛ لأنه في مقابلة ترك حق، وهو إجابة الدعوى.
  قلنا: إنما يكون تسليمه تفاديا من الأذى، فيدخل في هذا تحريم ما أخذ على هذه الصفة، كما يأخذه أهل الشعر خوف الهجو والأذى، فيدخل في هذا ما يفعله الظلمة من الذرائع الباطلة، كأخذهم أجرة الموازين، والسكك لضرب الدراهم، والأخشاب التي يوضع عليها اللحم، فيأخذون على ذلك العوض، ويزعمون أنه أجرة ملكهم؛ لأن المسلّم إليهم ليس لمجرد الملك، بل للمنع من فعل غيرهم كفعلهم، وللتمكن من فعل المباح الذي هو الوزن، ولو عرفوا أنهم لا يمنعون لأعدوا لهم أخشابا، وموازين بملك أو عارية.
  قال الحاكم ¥: وتدل الآية على إثبات حكام، وأن لحكمهم تأثيرا، يعني في الظاهر؛ لأنه لو لم يكن كذلك لم يكن للرفع إليهم معنى.
  قال: وتدل على وجوب نصب الأئمة؛ لأنهم حكام، أو الحكام من قبلهم، والأخذ لما ذكر من الآية محتمل.
  قوله تعالى: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِ}[البقرة: ١٨٩]
  السبب في نزول الآية: أن معاذ بن جبل، وثعلبة بن غنم الأنصاري، قالا له ÷: ما بال الهلال يبدو دقيقا مثل الخيط، ثم يزيد، حتى يمتلئ، ثم ينقص حتى يعود كما بدأ، ألا كان على حالة واحدة؟ فنزلت.