تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله}

صفحة 206 - الجزء 2

  يوما اقتتلت فيه الأوس والخزرج، وكان الظفر فيه للأوس، ففعل، فتنازع القوم عند ذلك، وتفاخروا، حتى قالوا: السلاح السلاح، فبلغ النبي ÷، فخرج إليهم بمن معه من المهاجرين والأنصار، فقال: (أتدّعون الجاهلية وأنا بين أظهركم، بعد أن أكرمكم الله تعالى بالإسلام، وألّف بينكم)⁣(⁣١) فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان، وكيد من عدوهم، فألقوا السلاح، وبكوا، وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله ÷، فما كان يوم أقبح أوّلا، وأحسن آخرا من ذلك اليوم⁣(⁣٢).

  وقوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ}⁣[آل عمران: ١٠٠]

  المعنى: إن تطيعوا من أثار الفتنة بينكم من اليهود، وذكّركم العداوة.

  وقوله تعالى: {وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ}⁣[آل عمران: ١٠١]

  هذا استفهام، والمراد به الإنكار، وفي ذلك دليل على أن من لم تبلغه الشرائع فهو غير مكلف بها.


(١) في نسخة (وألف بين قلوبكم) (ح / ص).

(٢) وفي الكشاف مثله، ولفظه في آخر القصة (فقال: أتدعون الجاهلية وأنا بين أظهركم بعد إذ أكرمكم الله بالإسلام وقطع به عنكم أمر الجاهلية وألف بينكم. فعرف القوم أنها نزغة من الشيطان وكيد من عدوّهم، فألقوا السلاح وبكوا وعانق بعضهم بعضا، ثم انصرفوا مع رسول الله ÷، فما كان يوم أقبح أوّلا وأحسن آخرا من ذلك اليوم).