تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {وليملل الذي عليه الحق}

صفحة 136 - الجزء 2

  وقياس كلام أهل المذهب: وجوب ذلك إذا خشي ذهاب المال، لعدم الكتابة، ويكون ذلك فرضا على الكفاية.

  وقوله تعالى: {كَما عَلَّمَهُ اللهُ} فيه وجهان:

  الأول: أن المعنى مثل ما علمه الله تعالى كتابة الوثائق، يعني: لا يبدل ولا يغير.

  وقيل: المعنى: ان يكتب؛ لأن الله علمه، كقوله تعالى: {وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ}⁣[القصص: ٧٧] والمعنى: انفع غيرك بالكتابة كما نفعك الله بالتعلم لها.

  وقوله تعالى: {فَلْيَكْتُبْ} هذا تأكيد للأمر بالكتابة، وذلك لأن الكتاب على عهد رسول الله ÷ كان فيهم قلة، فلذلك أكد الأمر.

  وقوله تعالى: {وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُ} هذا أمر ثالث بأن الذي عليه الحق يملل، أي: يلقي، والإملاء والإملال: لغتان بمعنى، وقد ورد بهما القرآن، قال تعالى: {فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ}⁣[الفرقان: ٥] فأمر تعالى بأن الذي عليه الحق يقر.

  ثم أكد ذلك بقوله تعالى: {وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ} يعني: فلا يبخس منه شيئا، وهذا الأمر للوجوب، والبخس: النقص.

  قال الحاكم: ولا خلاف في وجوب الإقرار، والإشهاد قدر ما يثبت به الحق، لا أكثر من ذلك.

  تنبيه

  إذا أدان رجل غيره دينا، أو باع منه مبيعا بدين، أو نحو ذلك، وأراد إثبات ذلك عند الحاكم ليستقر ماله، فادعى على صاحبه ذلك الدين هل يجيبه بقوله: لا أعلم ذلك. أو ذلك ليس بصحيح؟ كان مخلا بما يجب عليه من الإملال، ومرتكبا لمحظور وهو الكذب بنفيه للدين، أو بنفيه