وقوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم}
  البيان في الناسخ والمنسوخ في القرآن: إن هذا قول أكثر العترة $، وهو قول قتادة، والربيع من أهل التفسير.
  وقيل: المنع من ابتداء القتال في المسجد الحرام باق، وهذا قول مجاهد.
  قال الحاكم:(١) وهو قول أكثر أهل التفسير، فيكون المعنى بقوله تعالى:
  {حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} يعني: في غير المسجد الحرام.
  وقال الحاكم: الآية وردت في بداية الكفار لما تقدم.
  وقوله تعالى: {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ}[البقرة: ١٩٠] فرتب هذه الآية على تلك، فقال تعالى: {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} أي: الذين يقاتلونكم، ثم قال تعالى: {وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ} إنما أعيد هذا لإزالة الشبهة في توهم أن الحرم لأجل حرمته لا يجوز أن نقاتلهم فيه وإن بدءونا، فأزال تعالى الشبهة، والتوهم لذلك.
  ثم يبين تعالى غاية القتال بقوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ} أي: حتى لا يكون كفر.
  إذا ثبت هذا، فمن بدأ بالقتال من الكفار جاز قتاله في الحرم بصريح الآية، ومن لم يبتد، فالخلاف هل يبتدأ قتاله في الحرم؟ أو لا يبتدأ؟ وقد قلنا: بجواز ذلك على رأي أئمة العترة $.
  فإن قيل: فقد تقدم ما حكي عنهم $: أن من وجب عليه حد أو قصاص فالتجأ إلى الحرم فإنه لا يقتل فيه لقوله تعالى: {وَمَنْ دَخَلَهُ
(١) في نسخة (وهذا قول) ولفظ الحاكم (ولا يجوز ابتداء القتال في الحرم عن مجاهد، وأكثر اهل التفسير