تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فاجلدوهم ثمانين جلدة}

صفحة 379 - الجزء 4

  قوله تعالى: {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً}⁣[النور: ٤]

  هذا خطاب للأئمة كما تقدم في حد الزنى، لكن لا بد من دعوى في حد القذف من المقذوف ذكره أبو طالب، ومحمد بن الحسن؛ لأن الشين والغضاضة تعلق به، فاشترط طلبه وإن كان الحد حقا لله.

  ولا يمتنع أن يكون الحد لواحد، والمطالبة لآخر كالوكيل بالبيع له المطالبة بالثمر، والثمر للموكل، وكذلك الوكيل يقبض المبيع.

  قال في الشرح: وهكذا حد السرقة القطع حق لله تعالى، والمطالبة إلى المسروق⁣(⁣١)، إذ لو لم يطالب لم يقطع.

  وعن المؤيد بالله في حد السرقة: تصح الشهادة من غير دعوى المسروق. وتتعلق بهذه الجملة أحكام:

  الأول: أنه إذا ثبت القذف وجب الحد، وقد يسقط بإقرار المقذوف، ونكوله عن اليمين، ذكره المؤيد بالله في الزيادات، فإذا قال القاذف أحلف ما زنيت، ونكل سقط الحد عن القاذف، وإن لم يحد الناكل، وهكذا فرعه من المتأخرين السيد يحيى، والفقيه يحيى.

  وقال الفقيه محمد بن يحيى: لا يطالب أحد باليمين أنه ما زنى، كما لا يطالب باليمين أنه ما شرب، وكذا يسقط بإقامة البينة.

  وأما بعفو المقذوف فهذه مسألة خلاف بين المجتهدين:

  فظاهر قول القاسم، وأبي حنيفة، والثوري، والأوزاعي: أنه لا يسقط بعفو المقذوف؛ لأنه حق لله تعالى كسائر الحدود، فلا يسقطه المقذوف لا قبل الرفع ولا بعده.


(١) إلى المسروق عليه تمت.