تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وكفلها زكريا}

صفحة 174 - الجزء 2

  قوله تعالى: {وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا}⁣[آل عمران: ٣٧]

  روي أن امرأة عمران لما وضعت مريم لفتها في خرقة، وحملتها إلى المسجد، ووضعتها عند الأحبار، وهم في بيت المقدس كالحجبة في الكعبة، فقالت لهم: دونكم هذه النذيرة، فتنافسوا فيها، لأنها كانت بنت إمامهم، وصاحب قربانهم، فقال لهم زكرياء: أنا أحق بها، عندي خالتها، فقالوا: لا، حتى نقترع عليها، فانطلقوا إلى نهر، وكانوا سبعة وعشرين، فألقوا فيه أقلامهم، فارتفع قلم زكرياء فوق الماء، ورسبت أقلامهم، وقيل: هم تسعة وعشرون، وقيل: جرت أقلامهم، ووقف قلمه، فأخذها زكرياء.

  والقراءة الظاهرة (وَكَفَلَهَا زَكَرِيَّاءُ) بالتخفيف، و (زَكَرِيَّاءُ) بالرفع، على أنه الفاعل

  وقراءة عاصم، وحمزة، والكسائي (وكفّلها زكرياءَ) بالتشديد في {كَفَّلَها} والنصب ل (زكرياءَ). والمعنى: أن الله تعالى كفلها إياه.

  وفي رواية عن ابن كثير (وَكَفِلَهَا) بكسر الفاء، أي: ضمها إليه، وفي ذلك دلالة أن للخالة حقا في الحضانة.

  قوله تعالى: {هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ}⁣[آل عمران ٣٨ - ٣٩]

  المعنى: {هُنالِكَ} أي: في ذلك المكان، أو في ذلك الوقت؛ لأنه قد يستعار هنالك للوقت مجازا، قيل: لما رأى زكرياء # كرامات مريم، رغب أن يكون له ولد صالح، فدعا الله تعالى.