وقوله تعالى: {فيستحيي منكم}
  وثمرة هذه الآية الكريمة: وجوب الاستئذان، وأنه يعمل بما يعرف من شواهد الأحوال وقرائنها، وأن ما كان القلب لا يطيب به مع عدم الحياء لم يبحه الإذن مع الحياء، وقد جاء في الخبر: «ما أخذ بسوط الحياء فهو حرام».
  فإن قيل: فيلزم من هذا ألا يصح بيع من عرف منه أنه ما باع إلا لأجل الحياء.
  قلنا: إذا أخرجه عن حد الاختيار لم يصح على أصل المؤيد بالله، ويكون في الآية دليل له، واطلاق الهدوية أنه مختار، وإنما الإكراه المانع هو الإجحاف، وقد رأيت عادة بعض الفضلاء العاملين إذا أدان دينا يخرج فيبادر في قضائه خشية أن صاحبة غير راض بالتراخي، فرضي الله عن العلماء العاملين وهذه مسألة يتساهل فيها من ديدنه الغفلة عن النظر، ومحاسبة النفس، فيكون ملازما لوظائف(١) النوافل والإمامة، وهو ملازم فيما عليه مع قدرته على التخلص ولو بثياب الجمعة والعيد.
  اللهم الطف بنا لطفا يقودنا إلى رضاك، وأغننا عن مد الأيد إلى سواك.
  قال الحاكم: وهذا الكلام المنهي عنه هو المباح فنهي عنه في هذه الحال لما كان يؤدي إلى تأذي النبي ÷.
  وقوله تعالى: {فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} وهذا من أخلاقه ÷ الاحتمال وعدم المواجهة بما يستنكر.
  وعن عائشة ^: حسبك في الثقلاء أن الله لم يحتملهم.
(١) مختار الصحاح ج: ١ ص: ٣٠٣ وظف الوظيفة ما يقدر للإنسان في كل يوم من طعام أو رزق وقد وظفه توظيفا.