تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين}

صفحة 375 - الجزء 1

  النبي ÷، والآخر رافع ثوبه يستره من الحر، حتى رمى جمرة العقبة. هكذا في السنن.

  وتدل الآية على وجوب الاستئذان، وأن لا يأتي البيوت بغير استئذان من ظهورها، على ما ذكر المرتضى #.

  وتدل على أن الأحق والأوجب أن يبدأ الإنسان بالأهم؛ لأن فيها نكيرا عليهم من حيث أنهم سألوا عن فعل لا يتعلق بتكليفهم، وكان البر الشغل بأعمال التقوى.

  قوله تعالى: {وَقاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ}⁣[البقرة: ١٩٠]

  الدلالة من هذه ضربان: منطوق، ومفهوم.

  فالمنطوق أمران: الأول - قتال من يقاتل. الثاني: النهي عن الاعتداء.

  وأما المفهوم: فترك قتال من لا يقاتلنا، وقد اختلف أهل التفسير في هذا المفهوم، فقال الحسن، وأبو علي، وابن زيد، والربيع بن أنس: أن هذا كان في ابتداء الإسلام، وأن النبي ÷ كان يقاتل من قاتل، ويكف عمن كف. قال الربيع: وهذه أول آية نزلت في الجهاد بالمدينة، ثم نسخ هذا المفهوم بقوله تعالى في سورة التوبة: {وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً}⁣[التوبة: ٣٦] وبقوله تعالى في سورة التوبة أيضا: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ}⁣[التوبة: ٥].

  وقالت طائفة من المفسرين: إنها محكمة لا نسخ فيها، وهذا مروي عن ابن عباس، ومجاهد، وقالوا: أراد تعالى بقوله: {الَّذِينَ يُقاتِلُونَكُمْ} الاحتراز من النساء، والصبيان، والشيوخ، والمترهبين، أو أراد تعالى الاحتراز من قتال من له عهد وصلح، إلا أن يقاتل، وينقض العهد.