وقوله تعالى: {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
  قالوا: والآية حجة لنا، ولأنه تعالى قال: {فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ} وهذا لفظ نكرة فكأنه قال: فبعض الرهان مقبوضة، فجوز في بعضها أن لا يكون مقبوضا، فلو كان القبض شرطا في كل رهن لعرفه بالألف واللام، وقد قال تعالى: {وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ}[النساء: ٩٢] فوصف القتل الذي تجب فيه الكفارة بالخطأ، وقد وجبت الكفارة في العمد على أحد القولين، وقد تقدم الخلاف في مفهوم الصفة، هل يدل التقييد بالصفة على قصر الحكم أم لا؟
  واختلف من شرط القبض في رهن المشاع، ورهن الأرض دون شجرها، وعكسه الأرض دون زرعها، وعكسه، فالهادي في المنتخب، والشافعي قالوا: استدامة القبض غير شرط، والأحكام، وأبو حنيفة قالوا: هو شرط فمنعوا ذلك(١).
  وإذا شرط القبض لم يصح رهن الدين(٢)، ولا رهن المصحف(٣)، ذكره في النهاية، عن الشافعي، وجوز مالك رهن المصحف، ولا يقرأ فيه المرتهن، قال: وعند بعض أهل الظاهر: لا يجوز الرهن إلا مع عدم الكاتب.
  وقوله تعالى: {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ} المعنى: فإن أمن صاحب الحق من هو عليه، وحسن ظنه به، فلا حرج عليه في ترك الإشهاد والكتابة، والرهن، وهذا دليل أن الكتابة والإشهاد والرهن الأمر به على طريق الندب والإرشاد، وهذا هو الذي صححه القاضي.
(١) وهو المذهب.
(٢) ممن هو عليه. (ح / ص).
(٣) كأن الشافعية يمنعون من حبسه على هذا. (ح / ص).