قوله تعالى: {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون}
  وقد روي عن الأصم أنهم سألوا رسول الله ÷ في ذلك المجلس عن أشياء حتى غضب، وكانت السؤالات في هذه الأقاويل عن شيء لم يتضيق العمل عليهم، وقد فسر قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَنْها} أي: أغناكم عنها.
  وقيل: {عَفَا اللهُ عَنْها} أي: لم يذكرها، وقيل: عفا عن مسألتكم فلم يؤاخذكم بما فرط منكم.
  قال الحاكم: ومع البيان لا يسأل؛ لأن مع السؤال ربما كان المصلحة في التشديد فيجب الإمساك كما ذكر في الحج، ومن ذلك حديث بقرة بني إسرائيل.
  قوله تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ}[المائدة: ١٠٣]
  المعنى: لما تقدم ما بين من الحلال والحرام بين ما تعتقده الجاهلية.
  وقيل: لما تقدم السؤال عنها تعقبه الجواب، فقال تعالى: {ما جَعَلَ اللهُ} أي: ما شرع وما أمر، وقيل: ما خلق، وكانت الجاهلية إذا وضعت الناقة خمسة بطون الخامس ذكر نحروه فأكل لحمه الرجال والنساء، وإن كانت أنثى شقوا أذنها(١) ولم يجزّ لها وبر، ولا تركب، ولا يحمل عليها، ولا تمنع من ماء ولا كلاء، وتحرم على النساء لا يذقن لبنها ولا لحمها، فإذا ماتت أكلها الرجال والنساء.
  وقيل: البحيرة من الغنم إذا ولدت عشرة أبطن، نحروا أذنها أي:
(١) الضمير عائد على المولودة.