تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وإن خفتم عيلة فسوف يغنيكم الله من فضله}

صفحة 408 - الجزء 3

قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ}.

  ثمرات هذه الآية تظهر في أحكام:

  الأول: في نجاسة المشركين، وقد اختلف العلماء في هذا الحكم، فمذهب القاسم، والهادي، والناصر، ومالك وغيرهم إلى أن الكافر نجس أخذا بظاهر الآية؛ لأنه الحقيقة، ويؤيد ذلك حديث أبي بلتعة الخشني فإنه قال للنبي صلّى الله عليه: إنا نأتي أرض أهل الكتاب فنسألهم آنيتهم، فقال #: «اغسلوها ثم اطبخوا فيها».

  وقال زيد بن علي، والمؤيد بالله، والمنصور بالله، وأبو حنيفة، والشافعي: إن المشرك طاهر؛ لأنه ÷ توضأ من مزادة مشركة، واستعار من صفوان دروعا ولم يغسلها، وكانت القصاع تختلف من بيوت أزواج النبي # إلى الأسارى ولا تغسل، وكان أصحاب النبي ÷ يطبخون في أواني المشركين، ولا تغسل.

  والآية فيها تأويلان:

  الأول: أنه تعالى جعل المشركين نجسا؛ لأنهم لا يتجنبون النجاسة، فهي ملابسة لهم، فجعلوا بمثابة النجس، لذلك ولأنهم لا يتطهرون ولا يغتسلون.

  الثاني: أنه تعالى شبههم بالنجس من حيث أنه يجب تجنبهم، وإبعادهم عن الحرم كما يقال: فلان كلب وخنزير، فجعل هذا مقدمة لقوله تعالى: {فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ}.

  وعن ابن عباس: أعيانهم نجسة كالكلب والخنزير.