قوله تعالى: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية}
  الطواف، وكانوا يقولون: نحن ولاة البيت والحرم، فنصد من نشاء، وندخل من نشاء، فرد الله تعالى عليهم بقوله: {وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} أي: وما كانوا أولياء المسجد الحرام، عن الحسن، وأبي علي، وأبي مسلم.
  وقيل: أولياء الله.
  دلت على أن المنع من المسجد الحرام كبيرة يستحق عليها العذاب، وأنه لا ولاية لكافر ولا فاسق؛ لقوله تعالى: {إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ} فيكون هذا أيضا في المسجد الحرام، وتقاس: سائر الولايات للمساجد، وأموال الله تعالى، فلا يأخذ الظالم زكاة، ولا حقا لله تعالى، ولا يولّ ولاية على شيء من أحوال الإسلام؛ لأنه ليس بمتق.
  وفي هذا فروع ومسائل، بعضها مجمع عليه، وبعضها مختلف فيه، فولاية الإمام والقاضي والمحتسب إنما تكون مع العدالة والتقوى وفاقا، وولاية الوصي ونحوه لا تجوز مع الخيانة، ومع الأمانة والفسق الخلاف المعروف، وطلب الولاية من الظلمة فيه الخلاف معروف(١)، فمن أخذ من إشارة الآية في سلب الولاية منع، ومن جوز ذلك خصص ذلك بأدلة خاصة.
  قوله تعالى: {وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً}[الأنفال: ٣٥]
  المكاء: الصفير، وقيل: الصوت، والتصدية: التصفيق، والمعنى: ما كان دعاؤهم عند البيت إلا المكاء والتصدية.
(١) في أ (فيه خلاف معروف).