تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {مقبوضة}

صفحة 146 - الجزء 2

  لأنه في الغالب يتعذر الكاتب والشاهد، فأمر أن يستوثق بالرهن، وهو أمر ندب وإرشاد، كما قيل في الكتابة.

  والقراءة الظاهرة {وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً} على أنها للواحد، وهو هكذا في المصحف.

  وفي قراءة ابن عباس، ومجاهد، وأبي بن كعب ولم تجدوا [كتابا] قالوا: لأنه ربما وجد الكاتب ولم يجد آلة الكتابة، من القرطاس والقلم، وقراءة الضحاك (كتّابا) على جمع الكاتب، والسفر ليس بشرط في صحة الرهن، وإنما قيد الرهن به لأنه مظنة إعواز الكاتب والشاهد، هذا مذهب جلة العلماء من الأئمة، والفقهاء كأبي حنيفة، والشافعي.

  وقال مجاهد، والضحاك، وداود: لا يصح الرهن إلا في السفر.

  قلنا: إن رسول الله ÷ رهن درعه من أبي شحمة اليهودي في الحضر، [قال سيدنا]⁣(⁣١): سمعته في الشفاء (شحمة) بالشين المعجمة.

  وقال في الانتصار بالسين المهملة.

  وقوله تعالى: {مَقْبُوضَةٌ} اختلف العلماء، هل القبض شرط في صحة الرهن أم لا؟ فالذي حصله السادة للمذهب، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه، والشافعي أن القبض شرط؛ لأن الله تعالى وصف الرهن بالقبض بقوله تعالى: {فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ}⁣(⁣٢).

  وقال الناصر، ومالك، وأبو ثور: القبض غير شرط، وإنما ذكر لأن الاستيثاق إنما يحصل به، فكما أن السفر غير شرط على الصحيح فكذا القبض.


(١) ما بين القوسين ساقط من بعض النسخ. وفي بعض النسخ [قال سيدنا نجم الدين، كعبة المسترشدين يوسف بن أحمد بن عثمان أعاد الله من بركاته آمين].

(٢) اعلم أنه لا يؤخذ من ظاهر الآية من مفهوم الصفة أن القبض من ماهية عقد الرهن، وإنما يؤخذ منه أنه مضمون بعد القبض. (ح / ص).