قوله تعالى: {فاستبقوا الخيرات}
  قوله تعالى: {فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ}[البقرة: ١٤٨]
  هذه الآية تدل على أن الأمر يقتضي الفور(١) لأنه تعالى أمر بالمسارعة، والمسابقة فيها، والأمر للوجوب؛ إلا أن يخصّ بدليل.
  والقول بأن الأمر يقتضي الفور هو ظاهر قول الهادي، والمؤيد بالله، وأحد قولي أبي طالب، وأحد قولي قاضي القضاة، واختاره القاضي شمس الدين(٢).
  وقال أبو علي، وأبو هاشم، وأصحاب الشافعي، واختاره المنصور بالله: إنه على التراخي، وذكر القاسم #: أن الزكاة على الفور، وذكر في الحج أنه على التراخي(٣).
  فقيل: له قولان، وقيل: هو يفرق بين الحقوق المالية، وبين الحقوق البدنية
  حجة القول الأول: من السمع هذه الآية(٤)، وقوله تعالى في سورة آل عمران: {وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} وبأنه لو لم يقتض الفور لا لتحق بالنوافل(٥)، وبأن السيد إذا قال لعبده اسقني، ولم يبادر عد
(١) يقال: هذا دليل شرعي، فحينئذ الأمر يقتضي الفور شرعا لا بالوضع. (ح / ص).
(٢) وهو القاضي العلامة جعفر بن أحمد بن عبد السلام.
(٣) وهو قول أبي حنيفة، وأبي الحسين البصري. (ح / ص).
(٤) لكن كلام من ذكر أن الأمر يقتضي الفور، ويدل عليه بنفس الصيغة، واستدلال الفقيه يوسف (المؤلف) على الفور بهذه الآية يدل على أن الفور مستفاد من دليل خارجي لا من نفس الصيغة، والله أعلم. (ح / ص)
(٥) يعني: فهذا وفاق، وهو أنه يجوز الترك في النوافل مع عدم العزم، بخلاف الواجب، وأيضا فإنه يتضيق فعل الواجب بطن الموت أو بما في حكمه خلاف النوافل، والله أعلم. هذا مع تضيق الوقت فقط، وإلا فلا يجب عليه الصلاة، وإن غلب على ظنه الموت، وإنما يستقيم الاطلاق على رأي ابن الحاجب كما حقق ذلك الإمام المهدي في الغيث، واستوفى الكلام فيه. (ح / ص).