تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {أفغير الله أبتغي حكما}

صفحة 251 - الجزء 3

  المودع إذا عرف أن صاحب الوديعة ينفقها في المعصية لم يسلمها إليه، وله جحدها، والحلف على أن ليس عنده وديعة وينوي يجب عليه تسليمها⁣(⁣١).

  أما إذا أراد سفر الحج أو غيره، وعرف أنه يؤخذ منه الأتاوة فقال الشافعي: إن هذا يمنع من وجوب الحج، ومذهب الأئمة أنه لا يمنع⁣(⁣٢)؛ لأن هذا الشيء يشبه السكون في أرض يحكم فيها الظلمة بما شاءوا من أخذ شيء من المال فهذا جائز، ولا تجب الهجرة لهذا عند الأكثر، وذلك كالإجماع، ويحكى الخلاف لبعضهم⁣(⁣٣)، ومن هذا تولي القضاء من جهة الظلمة إذا كان لا يتم له إلا بذلك لا يجوز؛ لأنه يكون متوصلا بفعل القبيح إلى فعل الحسن، والصور في هذا تكثر.

  قوله تعالى: {أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً}⁣[الأنعام: ١١٤]

  قيل: معناه قل يا محمد هل يجوز لأحد أن يعدل عن حكم الله؟ وهذا استفهام بمعنى الإنكار، وما دل عليه الدليل فهو حكم الله تعالى من سنة، أو إجماع، أو قياس، أو تحكيم بين الزوجين، أو خبر الواحد.

  وأما ما لم تدل عليه دلالة فهو لا تجب طاعته، وليس بحكم الله، ومن ذلك أحكام المنع.


(١) تقدم مثل هذا في تفسير قوله تعالى في آخر النساء {يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ} الآية، وسيأتي مثله في براءة، في قوله {إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ} الآية.

(٢) إذا كان المعتاد، والله أعلم، وإلا جاز ولا يجب، ولعله حيث يسلمه هو، لا لو كان يغتصب عليه، فلا يجوز،

(٣) وممن منعه إمامنا المنصور القاسم بن محمد عادت بركاته. (ح / ص).