تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {وما لكم ألا تأكلوا مما ذكر اسم الله عليه}

صفحة 254 - الجزء 3

  قال جار الله⁣(⁣١) |: ومن حق ذي البصيرة في دينه أن لا يأكل مما لم يذكر اسم الله عليه كيفما كان، لما يرى في الآية من التشديد العظيم، وذلك قوله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} وقوله: {وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} وقوله: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ}.

  قال المؤيد بالله: ولو تقدمت التسمية بوقت يسير، أو كلام يسير فلا بأس.

  وقوله تعالى: {وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ} أي: عرض لكم في ترك أكل ما ذكر عليه اسم الله، وهذا أيضا تأكيد لشرط التسمية، وفيه ما تقدم، وقوله تعالى: {وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ} قرئ فصل - بفتح الفاء والصاد - أي: الله تعالى، وهو ما ذكر في سورة المائدة وهو: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ} وقيل: المائدة نزلت بعد الأنعام بمدة، فلا يردّ ذلك إلى ما ذكر فيها، لكن يقال: فصل على لسان الرسول، ثم نزلت بعد ذلك في القرآن، وقيل: أراد فصله في عدة السور، في الأنعام مثل قوله: {قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً} الآية، وفي غيرها، وقرئ: فصل - بضم الفاء وكسر الصاد - على ما لم يسمى فاعله، أي: بيّن، والصاد مشددة في أكثر القراءات، وفي قراءة عطية فصل - بتخفيف الصاد - أي: جزم، وقطع الحكم به، وقرئ: ليضلون - بفتح الياء - ويضلون - بضم الياء - أي: يضلون غيرهم، وفي ذلك دلالة على تحريم الحكم والفتوى بغير دلالة، ولكن اتباع الهوى.

  وقوله تعالى: {إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} وذلك أكل الميتة والدم، ولحم الخنزير عند ضرورة الجوع، والخوف على النفس.


(١) الكشاف: ٢/ ٤٨.