تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين}

صفحة 64 - الجزء 4

  قلنا: لعل ذلك بمعرفة يوسف بأن إخوته يمنعون الرسول ونحوه من تبليغ أبيهم، هذا أشار إليه الحاكم وهو يمكن أن يقال: لعل ذلك لمصلحة دينية أعلمها الله تعالى يوسف # ولم يخبر بها، والله أعلم.

  وروي أن يوسف لما أدخل أباه المخازن فأدخله مخازن القراطيس قال: يا بني ما أغفلك عندك هذه القراطيس وما كتبت إليّ على ثمان مراحل؟ قال: أمرني جبريل # فسأل يعقوب جبريل فقال: الله أمرني بذلك لقولك: {وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ}، قال: فهلا خفتني.

  وقيل: إن يعقوب اشترى جارية مع ولدها فباع ولدها فبكت حتى عميت.

  وروي أن الله تعالى أوحى إلى يعقوب: «إنما وجدت عليكم لأنكم ذبحتم شاة فقام ببابكم مسكين فلم تطعموه، وإن أحب خلقي إليّ الأنبياء، ثم المساكين، فاصنع طعاما ثم ادع عليه المساكين» وهذه مسألة فقهية أنه لا يجوز التفريق بالبيع بين ذوي الأرحام في حال الصغر، وفي ذلك تفصيل وخلاف.

  قوله تعالى: {يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ وَجِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ}⁣[يوسف: ٨٨]

  هذه الجملة قد تضمنت ثلاثة أمور وهي: جواز الشكاء لدفع المضرة، وسؤال الصدقة، وجواز أخذها مع السؤال.

  أما الأول: فذلك جائز لدفع الضرورة، وقد يجب الشكى إذا كان فيه وقاية روح، أو دفع مضرة، أو زوال منكر، وأرادوا بقولهم: {مَسَّنا وَأَهْلَنَا الضُّرُّ}، يعني: الهزال من الشدة والجوع، وقيل: بهلاك مواشينا.