تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم}

صفحة 89 - الجزء 3

  وقال أبو يوسف: تطالب بنفقة شهر.

  قيل: أما لو عرف الحاكم التمرد منه فله المطالبة بالكفيل⁣(⁣١)، ومثل هذا لو⁣(⁣٢) شكا رجل العدوان من غيره والضرار، فله المطالبة بالكفيل بعدم التعرض له، وقد يفعل الحكام هذا ولا حرج فيه.

  وقد ذكر في شرح الإبانة: أن المحارب إذا ظفر به الإمام قبل أن يحدث شيئا حبسه فإذا تاب حلفه لا إذا عاد إلى المحاربة وأخذ منه كفيلا، وقيل: أراد بالميثاق الإيمان والتوحيد، وبالنقباء الملوك الذين يقيمون العدل، وقيل: الميثاق ما أخذ عليهم من العهد في نبينا ÷.

  قوله تعالى: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ}⁣[المائدة: ١٣] فيها دليل على تأكيد الميثاق وقبح نقضه، وأنه يسلب اللطف المبعد من المعاصي ويورث النسيان، ومنه قول الشاعر:

  شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأومأ لي إلى ترك المعاصي

  وقال اعلم بأن العلم سر ... وسر الله لا يؤتيه عاصي

  ولهذا قال: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}.

  وعن ابن مسعود ¥: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية.

  واختلف في قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ} هل ذلك منسوخ أو محكم، فقيل: هو أمر بالعفو عن الذين نقضوا الميثاق من الكفار، وقيل:


(١) أي: للحاكم المطالبة بالكفيل.

(٢) في ب (ومثل هذا لو شكا رجل) الخ.