قوله تعالى: {فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم}
  وقال أبو يوسف: تطالب بنفقة شهر.
  قيل: أما لو عرف الحاكم التمرد منه فله المطالبة بالكفيل(١)، ومثل هذا لو(٢) شكا رجل العدوان من غيره والضرار، فله المطالبة بالكفيل بعدم التعرض له، وقد يفعل الحكام هذا ولا حرج فيه.
  وقد ذكر في شرح الإبانة: أن المحارب إذا ظفر به الإمام قبل أن يحدث شيئا حبسه فإذا تاب حلفه لا إذا عاد إلى المحاربة وأخذ منه كفيلا، وقيل: أراد بالميثاق الإيمان والتوحيد، وبالنقباء الملوك الذين يقيمون العدل، وقيل: الميثاق ما أخذ عليهم من العهد في نبينا ÷.
  قوله تعالى: {فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ}[المائدة: ١٣] فيها دليل على تأكيد الميثاق وقبح نقضه، وأنه يسلب اللطف المبعد من المعاصي ويورث النسيان، ومنه قول الشاعر:
  شكوت إلى وكيع سوء حفظي ... فأومأ لي إلى ترك المعاصي
  وقال اعلم بأن العلم سر ... وسر الله لا يؤتيه عاصي
  ولهذا قال: {وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ}.
  وعن ابن مسعود ¥: قد ينسى المرء بعض العلم بالمعصية.
  واختلف في قوله تعالى: {فَاعْفُ عَنْهُمْ} هل ذلك منسوخ أو محكم، فقيل: هو أمر بالعفو عن الذين نقضوا الميثاق من الكفار، وقيل:
(١) أي: للحاكم المطالبة بالكفيل.
(٢) في ب (ومثل هذا لو شكا رجل) الخ.