وقوله تعالى: {فلا تقعد بعد الذكرى}
  قال الحاكم: والآية أيضا تدل على المنع في مجالسة الظلمة والفسقة، إذا أظهروا المنكرات، وتدل على إباحة الدخول عليهم لغرض، كما يباح للتذكير، وفي الآية أيضا دلالة على وجوب الإنكار؛ لأن الإعراض إنكار.
  قال: وتدل على أن التقية من الأنبياء والأئمة بإظهارهم المنكرات لا يجوز، خلاف قول الإمامية، وتدل على جواز النسيان على الأنبياء.
  الحكم الثالث: أن الناسي مرفوع عنه الحرج، والمعنى: {وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطانُ} أي: بما يحصل من الوسوسة والاشتغال التي تغفل عن ذكر ما نهى الله عنه، فلا تقعد بعد ذكرك للنهي.
  فإن قيل: النسيان فعل الله تعالى، فلم أضيف إلى الشيطان؟
  جواب ذلك: أن السبب من الشيطان وهو الوسوسة والإعراض عن الفكر، فأضيف إليه لذلك، كما أن من ألقى غيره في النار فمات يقال: إنه القاتل، وإن كان الإحراق فعل الله تعالى.
  واختلف في النسيان ما هو؟ فقال الحاكم: معنى(١) يحدثه الله في القلب.
  وقال أبو هاشم وأصحابه: ليس بمعنى، وإنما هو زوال العلم الضروري الذي جرت العادة بحصوله.
  وقوله تعالى: {فَلا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرى} أي: بعد ذكرك النهي، هذا عن أبي علي والأصم، وهو الظاهر.
  وعن أبي مسلم: بعد تذكيرك إياهم.
وقوله تعالى: {وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى}.
(١) معنى يضاد العلم.