وقوله تعالى: {لقد ظلمك}
  قطاة غرها شرك فباتت ... تجاذبه وقد غلق الجناح
  والمعنى حاجني حجاجا لم أقدر أن أورد عليه مثله، وأراد بالخطاب مخاطبة المحتاج المجادل، أو أراد وخطبها المرأة وخطبها يغلبني في الخطبة؛ لأنه تزوجها دوني، وقد قرئ وعازني من المعازاة وهي المغالبة.
  وقوله تعالى: {لَقَدْ ظَلَمَكَ} اختلف في كلام داود # قيل: إنما ظلمه بعد اعترافه، فجاء داود، بقوله: {لَقَدْ ظَلَمَكَ} وهو جواب لقسم محذوف أي والله لقد ظلمك.
  وروي أنه قال: أريد أن آخذها منه وأكمل نعاجي مائة، فقال داود #: إن رمت ذلك ضربنا منك هذا وهذا أشار إلى طرف الأنف والجبهة، فقال: يا داود أنت أحق أن يضرب منك هذا وهذا، أو أنت فعلت كيت وكيت، ثم نظر داود فلم ير أحدا فعرف ما وقع فيه.
  وقيل: في الكلام حذف تقديره: إن كان الأمر كذلك فقد ظلمك، وقيل: بادر إلى التظلم قبل سماع الآخر، فكان هذا ذنبا، وقد جاء عن الرسول ÷: «يا علي لا تحكم على أحد الخصمين حتى تسمع ما يقول الآخر».
وقوله تعالى: {وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَقَلِيلٌ ما هُمْ وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ راكِعاً وَأَنابَ}
  قيل: جاء بهذا لأمرين، وهما الترغيب في عادة الصلحاء، والتنفير عن عادة الأكثر في البغي.
  والثاني: التسلية للمظلوم وأن له في الأكثر أسوة؛ لأنهم قد ظلموا.
وقوله تعالى: {وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ}
  وقرئ (فتناه) بالتشديد للمبالغة.