قوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون وما تنفقوا من شيء فإن الله به عليم}
  الثالث: أن المراد لن تقبل توبتهم إذا كفروا بعد ذلك؛ لأنهم أحبطوها بالكفر، عن أبي علي، والقاضي، وحكاه في الثعلبي عن ابن عباس، وأبي العالية(١).
  الرابع: أن المراد إذا تابوا عند حضور الموت، وقد قال تعالى في سورة النساء: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ}[النساء: ١٨] وهذا يروى عن الحسن، وقتادة، وعطاء.
  الخامس: عن مجاهد: لا تقبل بعد الموت.
  السادس: للزمخشري، قال: كنى بعدم قبول التوبة، عن الموت على الكفر، والفائدة في هذه الكناية التغليظ في شأن أولئك الفريق، وإظهار الأياس لهم من التوبة(٢).
  قوله تعالى: {لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ}[آل عمران: ٩٢]
  اختلف المفسرون: هل هذه الآية واردة في الزكاة؟ أو في غيرها؟.
  فقال الأكثر: إنها واردة في الزكاة، وهي كقوله تعالى: {وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ}[البقرة: ٢٦٧].
  وقال مجاهد: إنها واردة في غير الزكاة، وهي منسوخة بآية الزكاة، وقد دلت على وجوب إنفاق شيء من المال، وأن يكون من المحبوب.
  قيل: البر: الجنة. وقيل: الثواب. وقيل: الطاعة والتقوى.
(١) وهو تأويل بعيد.
(٢) فقد كنى عن عدم القبول بعدم الحصول.