تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

قوله تعالى: {الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم وأنهم إليه راجعون}

صفحة 140 - الجزء 1

  ونظير ذلك من يشرب الدواء الكريه مع معرفته بنفعه، فإنه يسهل عليه، بخلاف الجاهل، هذا مثال ضربه الحاكم.

  ومثّله الزمخشري: بمن وعد على بعض الصنائع أجرة زائدة، فإنك تراه في عمله ناشطا، مع انشراح صدر، ومضاحكة لمحاضريه، كأنه مما يستلذ بمزاولته، بخلاف حال عامل يتسخره بعض الظلمة، ومن ثم قال ÷: (وجعلت قرة عيني في الصلاة)⁣(⁣١) وكان يقول: (يا بلال روّحنا)⁣(⁣٢).

  قال سيدنا: سمعت من يصف شفاء لمريض، وهو يقول لبعض خواصه: «ارجع إلى الصلاة» مستدلا بالآية الكريمة.

  قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ}⁣[البقرة: ٤٦]

  الثمرة من ذلك: عظم حال التفكر في العاقبة، وفيما أعد لأهل الثواب والعقاب؛ لأن ذلك يكون لطفا.

  والظن يكون بمعنى العلم، ومنه قوله تعالى في سورة التوبة: {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ}⁣[التوبة: ١١٨] وقال الشاعر⁣(⁣٣):


(١) جزء من حديث أخرجه النسائي ٧/ ٦١، ٦٢، وأحمد انظر الفتح الرباني ٢/ ٢٠٦ رقم ٢٦. والسيوطي في جامع الأحاديث ٣/ ٧٤٧.

(٢) أخرجه أبو داود ٤/ ٢٩٦. وبلال هو: بلال بن رباح، المؤذن، وهو ابن حمامة، أبو عبد الله، مولى أبي بكر، وحمامة أمه ينسب إليها، صحابي جليل، من السابقين الأولين، شهد بدرا، والمشاهد كلها، مات بالشام سنة ١٧ هـ أو سنة ١٨ هـ وقيل سنة ٢٠ هـ وله بضع وستون سنة، مذكور في الأذان، ¦.

(٣) الشاعر: هو دريد بن الصمة، وهو يروي في كتب الشعر:

علانية ظنوا بالفي مدجج ... سراتهم في الفارسي المسرد

وهو ضمن أبيات قالها في رثاء أخيه عبد الله بن الصمة، والمدجج: الفارس الذي تدجج في سلاحه، أي: تغطى به، والسراة: علية القوم وسادتهم، والفارسي المسرد: الدروع الفارسية الحسنة الحبك والنسج، ومنه قوله تعالى {وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ}.