وقوله تعالى: {وقولوا انظرنا}
  سمعت اليهود ذلك اغتنموها، وكانوا يقولونها لرسول الله ÷، ويضحكون فيما بينهم، فسمع ذلك سعد بن معاذ، فقال: يا أعداء الله عليكم لعنة الله، والذي نفسي بيده؛ لئن سمعتها من رجل منكم يقولها لرسول الله ÷ لأضربن عنقه، فقالوا: أو لستم تقولونها، فنزلت، وقرأ الحسن راعناً بالتنوين، من الرعن، وهو الهوج(١)، أي: لا تقولوا قولا منسوبا إلى ذلك، وهي شاذة.
  وقوله تعالى: {وَقُولُوا انْظُرْنا} وهو بمعنى ذلك، لكنه لا يوهم، وقرأ أبي انظرنا من النظرة، وهو شاذ.
  ويؤخذ من هذه الآية:
  أنه لا يجوز فعل المباح إذا كان يؤدي إلى قبيح؛ لأنهم نهوا عن ذلك؛ لأجل ما يحصل من سب اليهود لرسول الله ÷، وقيل: لما لم يكن في هذه الكلمة تعظيم نهوا، وأمروا أن يقولوا: {انْظُرْنا} لأن في ذلك تعظيما، وهذه فائدة، وهي حسن الأدب لذي الرتبة، وفائدة ثالثة ذكرها الحاكم: أن كل لفظ فيه إيهام لا يجوز إطلاقه على الله تعالى، ولا على رسوله.
  قوله تعالى: {ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَاللهُ يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ}[البقرة: ١٠٥]
  المعنى: ما يريد الذين كفروا نزول الخير على المسلمين، وفي ذلك تعريض بذمهم، فيدل هذا على أنه يجب على المسلم محبة الخير لأخيه من مصالح دينه ودنياه.
(١) الأهوج: الرجل الخفيف مع حمق، هكذا في الضياء. (ح / ص).