تفسير الثمرات اليانعة،

يوسف بن أحمد الثلائي (المتوفى: 832 هـ)

وقوله تعالى: {حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين}

صفحة 428 - الجزء 3

  والقاصد: القريب الذي لا مشقة فيه، والشقة: المسافة، وهذا تأكيد لوجوب الجهاد، سواء عرف حصول الغنيمة أم لا، وسواء قربت المسافة أم بعدت.

  قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ}⁣[التوبة: ٤٣]

  في هذه الآية دلالة على أنه لا يجوز للإمام التقصير في النظر، ويجب عليه الفحص فيما يصدره من الأحكام، وذلك لأن الله تعالى لما أوجب النفير على الخفيف والثقيل، استأذنه المنافقون، واعتذروا بمعاذير غير صادقة، فأذن لهم ÷ بترك النفير لظنه صدق معاذيرهم فلم يكن بإذن من الله تعالى.

  قال في الحاكم عن قتادة، وعمر: شيئان فعلهما رسول الله من غير استئذان: إذنه للمنافقين وأخذ الفدية من الأسارى، فعاتبه الله تعالى، وكان ذلك صغيرة من النبي # -؛ لأن قوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَنْكَ} دلالة على الخطيئة، وكذلك قوله: {لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ}.

  وقيل: لم يكن ذنبا ولكن تركا للأفضل، فالمعنى لم أذنت لهم بترك الأفضل.

  وقوله تعالى: {عَفَا اللهُ عَنْكَ} جيء به لتعظيمه كما يقال: عفا الله عنك ما صنعت في حاجتي، والأول عن أبي علي وغيره.

  وقوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ} ويعني بالوحي، أو بالفحص، والمراد فإذا تبين لك الذين صدقوا فلك أن تأذن.

  إن قيل: إذا كانت المعاذير صادقة سقط النفير عنهم من غير استئذان فكان الإذن منه ÷ لا يفيد؟