وقوله تعالى: {ثم كان من الذين آمنوا}
  الخبر، والمعنى إن لم يشكر تلك النعمة فلم يقتحم تلك العقبة؛ بأن يفعل الأعمال الصالحة من فك الرقاب، وإطعام الطعام إلى آخره، وهذا هو الظاهر.
  الثاني: أنه استفهام أي: هل اقتحم تلك العقبة ففعل هذه الأشياء.
  والثالث: أنه دعاء بمعنى لا اقتحم العقبة يعني: لا يخرج منها إلى السهل والرخاء مثل ما ورد في حديث الجمعة: «فلا جمع الله شمله» وكما يقال: لا غفر الله له.
  وثمرة ذلك أمور: الأول: الحث على مجاهدة النفس في عمل الطاعة واجتناب المعاصي، وقمع الهوى.
  الثاني: بيان فضل فك الرقبة وهو تخليصها من رق أو غيره، وفي الحديث أن رجلا قال لرسول الله ÷: دلني على عمل يدخلني الجنة؟
  فقال: «تعتق النسمة، وتفك الرقبة» قال: أو ليسا سواء؟ قال: «لا، إعتاقها أن تنفرد بعتقها، وفكها أن تعين في تخليصها من قود أو غرم».
  قال جار الله |: والعتق والصدقة من أفاضل الأعمال، وعن أبي حنيفة | العتق أفضل من الصدقة، وعند صاحبيه: الصدقة أفضل.
  قال: والآية أدل على قول أبي حنيفة لتقديم العتق على الصدقة.
  وعن الشعبي في رجل عنده فضل نفقة أيضعه في قرابته، أو يعتق به رقبة، قال: الرقبة أفضل؛ لأن النبي ÷ قال: «من فك رقبة فك الله بكل عضو منها عضوا منه من النار».
وقوله تعالى: {وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ}
  معناه: أنك لم تدرك صعوبتها وكنه ثوابها، والمسغبة المجاعة، وسئل ÷ عن قوله تعالى: {ذا مَتْرَبَةٍ} فقال: «الذي مأواه المزابل».
وقوله تعالى: {ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا}.