قوله تعالى: {وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونه من بين فرث ودم لبنا خالصا سائغا للشاربين}
قوله تعالى: {فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ}
  قيل: أراد أهل العلم بأخبار من مضى.
  وقيل: أهل الكتاب، وقيل: مؤمني أهل الكتاب.
  فإن حمل على أهل الكتاب - كما حكى عن ابن عباس، ومجاهد، والأصم فإنما أمر بسؤالهم لتحصيل العلم بتواتر الأخبار؛ لأنه لا يفترق في ذلك بين أخبار المؤمن والكافر.
  وإن حمل على المؤمنين من أهل الكتاب: فلأن العمل بأخبار الثقات واجب، والآية تدل على الأمرين معا.
  قوله تعالى: {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ}[النحل: ٦٦]
  ثمرة هذه الآية: حل اللبن من الأنعام وطهارته، وذلك معلوم من الدين، لكن هذا إذا خرج من الحي الذي لا يحل، فإن كان يحل احتمل أن لا يكره بخلاف لحم الجلالة قبل الحبس(١)، ولا يكون نجسا بمجاورة الفرث والدم؛ لأنه تعالى جعل هذا من الآثار التي امتن بها علينا.
  قال جار الله |: إن الله تعالى يخلق اللبن وسيطا بين الفرث والدم يكتنفانه، وبينه وبينهما برزخ من قدرة الله تعالى لا يبغي أحدهما عليه بلون ولا طعم ولا رائحة، بل هو خالص من ذلك كله.
(١) فيكره تمت.